د. حمدى الجابرى
منذ سنوات طويلة ، وقبل أن يتولى أنس الفقى وزارة الاعلام ، كانت هناك لجنة عليا للدراما فى التليفزيون المصرى ضمت عددا من كبار الأسماء بينهم اسامة أنور عكاشة ومحفوظ عبد الرحمن ويسرى الجندى والسيد راضى واسماعيل عبد الحافظ وحسنى الرحماوى وحسن عطية وعفاف طبالة وكاتب هذه السطور مع مجموعة من الأسماء الكبيرة الذين أمضوا شهورا طويلة فى دراسة حاضر ومستقبل الدراما التليفزيونية ، وتوصلت دراسات اللجنة واجتماعاتها الى تحديد طبيعة مشاكل الدراما التليفزيونية المصرية التى بدأت تتراجع أمام زميلتها السورية وأحيانا الخليجية ..
وجاء أنس الفقى وزيرا للاعلام واختفت تلك الدراسات ، واللحنة نفسها لم يعد يسمع لها أى صوت ، وكان من الطبيعى أن تستفحل مشاكل الدراما التليفزيونية فى كافة اشكالها حيث لم يعد التفوق العربى يقتصر فقط على الدراما التاريخية بل امتد التدهور والاستسلام الى النجوم والمعدات وأماكن التصوير حتى اصبح التصوير فى سوريا أفضل فنيا وانتاجيا حتى للأعمال المصرية نفسها وبصورة تنذر ببطالة قادمة للأطقم الفنية المختلفة ، وخدعت بعض أجهزة وزارة الاعلام نفسها والناس بإدعاء مشاركتها فى انتاج بعض الأعمال السورية نصا واخراجا وتصويرا مثل مسلسل ” كليوباترا” الملكة التى حكمت مصر وعجز التليفزيون المصرى عن تقديم مسلسل عنها فكتبه وأخرجه ومثله فنانو سوريا وتم تصويره هناك رغم وجود بعض النجوم مصر فى العمل .
والحقيقة التى يجب الاعتراف بها هى أن التليفزيون وقيادات الاعلام فى مصر قد تنازلت بارادتها عن أهم عناصر تأثيرها فى الانسان المصرى والعربى ، وهى الأعمال الدرامية التليفزيونية التى شكلت مع السينما عقل ووجدان الانسان فى أرجاء الوطن العربى حتى أصبحت قضايا مصر ومشاكلها الاجتماعية والانسانية وأيضا اللهجة المصرية محل اهتمام وقبول وتدعيم الانسان العربى فى كل مكان ، ووقتها كانت الريادة فعلا لمصر ، ولكن بعد أن اكتفت مصر ووزارة اعلامها بذكريات الريادة دون أن تعمل على استمرارها فى وقت عمل الفنان العربى على الحصول على حقه فى الانتشار والتأثير بدعم من دولته التى تقدر فعلا دور الدراما والاعلام عمليا وليس فى اقوال مرسلة فقدت بريقها ومعناها كما نفعل ..
وكان من المتوقع من الوزير الشاب الذى جاء من المجهول أن يصنع تاريخه الشخصى بتقويم المعوج واستكمال النواقص وازالة المعوقات التى
ومن ناحية أخرى ، لا اعتقد أنه من الصواب توجيه اللوم للفنان العربى الذى يعمل فى مصر أو الذى يقدم أعمالا مصرية الطابع أو اللهجة أو الموضوع مادام أصحاب الشأن من المسئولين فى الوزارة والنجوم والمبدعين قد تنازلوا بارادتهم عن أسباب تميزهم لتصبح الخسارة شاملة حتى لو لم يتم الاعتراف بها .. كما يحدث حتى الآن !!