
من هذه (السيدة السمراء) التي كتبها لها المؤلف الانكليزي الكبير شكسبير سلسلة من السونيتات وهي أكثر الكتابات (الحسية) التي تحكي عن ملذات الجسد من بين كل مؤلفاته؟ سؤال طرحته الصحافة البريطانية هذا الاسبوع، وخصت به مقالات عدة ودراسات كثرت فيها الاحتمالات وصولاً الى نتيجة شبه حتمية. وقد كانت التكهنات كثيرة على مر السنوات والقرون حول هوية (السيدة السوداء) التي لم يعرف عنها سوى الوصف الذي كتبه شكسبير في أشعاره: الشعر الأسود الفاحم والبشرة التي تميل الى سمرة قوية.
وقد اشار عدد كبير من المؤرخين الى نساء بالاسم باعتبار احداهن هي هذه الشخصية الغامضة وكان بعضهن من نبيلات المجتمع الأرستقراطي المخملي في تلك المرحلة.
لكن ثمة بحث أجراه الدكتور دانكان سولكليد المتخصص في أعمال شكسبير في جامعة تشيتشستر البريطانية يقول انه عثر على دلائل وبراهين تؤكد تخمينات تعود الى ثلاثينات القرن الماضي. وأفادت ان هذه المرأة المعنية إنما هي (لوسي نيغرو( أو (لوسي السوداء) التي كانت مومساً وتدير خمارة خاصة بها في حي كلارنيويل في شمال شرق لندن. ولكن في الثلاثينات بقي هذا التخمين بلا تأكيد يدعمه.
ونقلت الصحف البريطانية عن الدكتور سولكليد قوله انه عثر على وثائق تشير الى ان لوسي السوداء هي في صدارة قائمة المرشحات اللواتي طرحت اسماؤهن على مر العصور، ويقول انه وجد رابطاً بين (لوسي) في القصائد وغيلبرت إيست الذي كان صديقاً للوسي ويملك محلاً خاصاً به في الحي اللندني نفسه، وقد ورد اسم الاثنين معاً في كتابات ومذكرات فيليب هينزلو صاحب مسرح (روز تياتر( المنافس لمسرح غلوب الشكسبيري آنذاك.
وجاء في المذكرات ان صاحبها تناول الغداء مراراً مع غيست ويستخلص الدكتور سولكليد انه اذا كان ايست على علاقة بعالم المسرح فالأرجح ان لوسي نفسها لم تكن غريبة على هذا العالم، وهذا يرشحها لأن تكون على علاقة بشكل أو بآخر مع شكسبير.
وقد خاطب شكسبير هذه المرأة في قصائده بعبارات وصفات من قبل: (أيها الشر الأنثوي) و(ملاكي الشرير). وتكتمل الصورة اذا اضفنا الى هذا ان شكسبير كان من رواد حي كلارينويل لأن عدداً من أقاربه كانوا يسكنونه ولم تفت عليه طبعاً المحلات ومن يديرها هناك.
المصدر : لمستقبل – الاحد 7 تشرين الأول 2012 – العدد 4482 – ثقافة و فنون – صفحة 19