
خالد الغسانى وعبد الهادى العجمى وكاملة العياد فى الطريق الى لحلقة النقاشية
د. حمدى الجابرى
فى جريدة الوطن الكويتية فى بداية الثمانينات كتبت مقالا أطالب فيه بمعاملة مسرح الطفل مثل كرة القدم التى كانت فى أوج ازدهارها فى ذلك الوقت ، وفى نفس المقال طالبت بإنشاء لجنة عليا لمسرح الطفل لتقييم أوضاعه ووضع كل التصورات والخطط اللازمة لتطويره ، وكان الدافع الأساسى لهذه المطالبة ما لمسته عن قرب من إهتمام بتقديم عروض مسرحية للأطفال تتراوح بين الرغبة فى تقديم ما يفيد ويمتع الأطفال وبين الهادفة الى تحقيق كسب مادى سريع .. على حساب الأطفال ..
وبالطبع لم أكن وقتها زرقاء اليمامة ، ولم يكن مكشوفا عنى الحجاب ، ولكن كانت القراءة الجادة والمتابعة الدقيقة التى يقوم أى متخصص يملك حلما لابد أن تقوده الى تلك المطالبات .. وكثيرون غيرى فعلوا ذلك .. أى أن الدفاع عن الطفل ومسرحه كان هما عاما لدى الكثير من المهتمين بالمسرح والطفولة بصورة عامة ..
من ناحية أخرى ، فإن المؤسسة الحكومية المعنية بكل ما يتعلق بالمسرح والثقافة فى الكويت ، أى المجلس الوطنى للثقافة والفنون التابع لوزارة الإعلام كان مشاركا فى إدراك أهمية التعامل مع مسرح الطفل وتطويره منذ سنوات طويلة ولذلك عقد المجلس فى نفس الفترة تقريبا واحدة من أهم وأندر الندوات المتعلقة بمسرح الطفل وبنفس العنوان شارك فيها نخبة كبيرة من الخبراء والأساتذة والممارسين لهذا المسرح من كل أنحاء الوطن العربى ..
وبعد عدة سنوات قليلة تم إصدار قرار وزارى بإنشاء المسرح القومى للطفل فى الكويت (الفرقة الوطنية للأطفال) وقدمت بالفعل أول عروضها ، ولكنه كان الأول والأخير إلى اليوم ، لتعود الساحة ومعها الطفل الى أحضان المنتج الخاص وحده فاستمر فى نشاطه الموسمى الذى لا يظهر إلا فى الأعياد والمواسم والاجازات الرسمية !!
وبالتأكيد كان واقع مسرح الطفل فى معظم دول الخليج ( أسوأ ) بكثير وهو ما يمكن فهمه فى ظل معرفة حقيقة أن الكويت رائدة العمل الثقافى والإعلامى فى كل منطقة الخليج تاريخيا ، وهى البلد الخليجى الوحيد الذى يملك مؤسسة تعليمية للفنون المسرحية هى المعهد العالى للفنون المسرحية بجانب مجلسها الوطنى للثقافة والفنون وأنشطته الثقافية المختلفة منذ زمن بعيد وأيضا مطبوعاته الثرية التى إستفاد منها المثقف العربى داخل وخارج الكويت وهو ماكانت تفتقده معظم دول الخليج التى كانت ترسل الكثير من شبابها ومبدعيها الى الكويت للإستزادة وتلقى المعرفة والدراسة وبالذات فى المعهد العالى للفنون المسرحية .. وهؤلاء كان من الطبيعى أن يكون لهم بعد تخرجهم أكبر الأثر على الحركة المسرحية فى بلدانهم وهو ما يمكن ادراكه فى مهرجان المسرح الخليجى الذى يقام منذ سنوات فهم صناعه ونجومه وأصحاب المناصب القيادية .. ومع ذلك ، للأسف ، لم يمتد تأثيرهم الى مسرح الطفل فى بلدانهم !!
تبقى الإشارة الى خطيئة التكبر التى يقع فيها المثقف وبالذات المتخصص الممارس للعملية المسرحية الخاصة بالطفل أحيانا والتى تدفعه الى عدم إدراك الحقيقة أو إغفالها ، وبالتالى يستمر الأمر على ما هو عليه من ضعف وأحيانا ضرر يلحق بعقل الطفل ووجدانه خاصة عندما يكون الهدف الوحيد هو تحقيق الربح المادى فقط الذى يصاحبه استسلام الفئة الواعية للأمر الواقع الذى لم تنجح فى تغييره رغم جهد السنين .. الضائع !!
ومن هنا تأتى الأهمية الكبيرة للحلقة النقاشية التى أقامها هذا الأسبوع المجلس الوطنى للثقافة والفنون ضمن أنشطة (مهرجان صيفي ثقافي 7) بعنوان (مسرح الطفل في دول مجلس التعاون الخليجي .. الواقع والطموح) بمشاركة متخصصين أصحاب خبرة وحلم نبيل من سلطنة عمان والسعودية والكويت والبحرين والإمارات وقطر بهدف تطوير مسرح الطفل في الخليج ..
المثير للإعجاب هو الصورة الحقيقية التى يتم الإجماع عليها ، ولأول مرة وبكل صراحة ، عن حقيقة وضع مسرح الطفل فى الخليج وعلى لسان ممثل كل دولة على حدة فى إجتماع عام وعلنى وهو ما يعنى أن الأمر قد أصبح أخطر من أن يتم السكوت عليه فالمرض لابد من أن يتم علاجه وعلى الفور .. وهو ما يحمد لهم خاصة وأن معظمهم قد حدد المرض وأسلوب علاجه فى ضوء الواقع وتجربة السنين ولذلك من الضرورى عرض ( الحالة والعلاج ) على لسان أصحاب الشأن أنفسهم .. كل على حدة ..