د. حمدى الجابرى
لاشك أن مهرجان مسرح الطفل فى الإمارات لابد أن يكون مثيرا للإعجاب لأنه يكشف الكثير عن حقيقة هذا الإهتمام الذى بدأ فقط منذ عدة سنوات قليلة وإن كان هذا لا يعنى أن أنشطة الطفل فى الإمارات لم تكن أسعد حظا وهو ما لمسته بنفسى أثناء رئاستى للمركز القومى للطفل فى مصر عندما شارك المركز فى الأنشطة الإماراتية الخاصة بالطفل التى كانت تدعمها إحدى بنات الأسر العريقة فى الإمارات ولا يحضرنى اسمها الآن للأسف رغم أن هذا الإهتمام قد لعب دورا ولاشك فى تدعيم هذه الأنشطة التى يكون لها أكبر الأثر عادة فى تكوين الطفل فى كل مكان فى العالم ولذلك يحسب هذا الأمر للإمارات فى ذلك الزمن البعيد الذى ربما ضاعت بعض أحداثه لعدم الإهتمام بتوثيقها وهو ما أدى الى صعوبة الحصول على أية معلومات عن مسرح الطفل فى دولة الإمارات رغم كثرة الجهات والهيئات الحكومية وغير الحكومية التى يتعيش أصحابها على هامش مثل هذا النشاط الهام وإن كان الملاحظ أنهم يكتفون أحيانا بالمهرجانات الحديثة العهد التى قد تحقق لهم بعض الوجود الإعلامى على حساب مسرح الطفل .
وهنا قد يكون من المفيد ذكر المعاناة الكبيرة التى كابدتها فى سبيل الحصول على معلومات موثقة عن مسرح الطفل فى الإمارات لتضمينها كتابى ( مسرح الطفل فى الوطن العربى ) حتى أثناء زيارتى لمدينة ( أبو ظبى ) فى التسعينات حيث لم أعثر على أى مطبوعات عنه ، ويومها لم يكن متاحا سوى كتاب صغير الحجم كبير القيمة بعنوان ( المسرح فى دول مجلس التعاون ) لأنه كان الوحيد المتاح وقتها ، ولاشك أن الأمر قد تغير كثيرا منذ صدور كتابى المشار اليه خصوصا وأن الإحتفالات المسرحية لم تنقطع فى الإمارات ولا يعقل أن تكون كلها قد أغفلت رصد وتحليل وتقييم عروض مسرح الطفل فى الإمارات خلال السنوات التالية لصدور الكتاب المشار اليه والذى تم نشره عام 2002 رغم الإنتهاء منه قبل ذلك بوقت ليس بالقصير ..
ولتنشيط ذاكرة بعض من يهمهم الأمر فى الإحتفاليات الإماراتية بالأطفال وأنشطتهم ومسرحهم نورد فيما يلى بعض ما جاء فى كتاب ( مسرح الطفل فى الوطن العربى ) عن مسرح الطفل فى الإمارات .
( شهدت الإمارات لأول مرة الفن المسرحى من خلال عروض أنشطة المسرح المدرسى فى نهاية الخمسينات فى المدرسة القاسمية ، وتلتها فى الستينات عروض الأندية الإجتماعية والرياضية .
وفى عام 1972 تم إشهار أول فرقة مسرحية بإسم ( المسرح القومى للشباب بدبى ) كإشارة إلى بداية الإهتمام الحكومى الرسمى بالحركة المسرحية ، وهو ما تجلى فيما بعد فى قيام وزارة الإعلام والثقافة بدعم الحركة المسرحية بآراء وخبرات عدد من رجال المسرح العربى أمثال زكى طليمات وصقر الرشود مع إبراهيم جلال والمنصف السويسى الذين تمت الإستعانة بهم لإنشاء وتطوير الحركة المسرحية الوليدة ، مما أدى فيما بعد الى ظهور الفرق والعروض المسرحية نتيجة لجهودهم ودعم الدولة للنشاط الثقافىى والمسرحى .
ورغم كثرة الفرق المسرحية فى الإمارات المختلفة فلم يتم تكوين أية فرقة لمسرح الطفل كما لم يتم ذكر عنوان أى عرض مسرحى للطفل ضمن العروض التى تم تقديمها حتى نهاية الثمانينات ، بل إن نشاط المسرح المدرسى نفسه لم يأت ذكره على الإطلاق رغم أن زكى طليمات عندما خطط للحركة المسرحية فى الإمارات قد أكد ضمن تقريره – حول إنشاء الحركة المسرحية فى الإمارات – على ضرورة الإهتمام بالمسرح المدرسى والعناية به . (1)
ومع ذلك لايمكن التأكيد على عدم وجود عروض مسرحية للطفل فى الإمارات حتى نهاية الثمانينات رغم إغفال الحصر الرسمى لعروض الأطفال ، وهو ما كشفت عنه مفاجأة فوز الإمارات فى نهاية عام 1988 بالجائزة الثانية فى المهرجان العربى الأول لمسرح الطفل الذى أقيم فى مصر خلال الفترة من 20-26 نوفمبر ، حيث شاركت وزارة الثقافة والإعلام بالإمارات بعرض مسرحية ( حكايات بهلول وشيبوب ) تأليف سليم الجزائرى ، إخراج سعاد جواد التى فازت بجائزة أحسن مخرج ( وهى جائزة ذهبت لمخرجة الإمارات لكونها المرأة الوحيدة التى أخرجت عرضا بالمهرجان ) (2)