د. حمدى الجابرى
تعليقا علي حوار شيخ الآثاريين:
آثارنا وسارقوها
أخبار الأدب – طا قة
كان حوار أخبار الادب الممتع والمفيد مع شيخ الأثريين عبد الرحمن عبد التواب (وزارة الآثار الحل المناسب لكل المشكلات) مثيرا لعدة قضايا هامة ، بينما كان رد أيمن عبد المنعم متهافتا مثيرا للسخرية لفرط ركاكته وإنعدام منطقه وأسانيده ، أشبه بكلمات موظف مذعور يدافع عن موقعه رغم أنه ليس له وجود حقيقي أوضمني في الموضوع أو المقال المنشور أو حتي المجال نفسه رغم كل الصفات التي يسبغونها عليه .. باختصار لأنه .. غير ذي صفة.. والأكثر أنه صاحب مصلحة من بقاء الوضع علي ماهو عليه..
ورغم كثرة المطالبات بإنشاء وزارة للآثار فإن الأمر مازال علي ماهو عليه.. سرقات يومية للآثار في كل مكان وإنهيار وتحطيم لكنوز أثرية بل وإعلانات في العالم عن بيع آثار مصرية، وكل ماتجود به علينا قرائح المسئولين عن آثار مصر في وزارة الثقافة بضعة إعلانات وأخبار عن اكتشافات وتنقيب في أماكن جديدة وترميم بمئات ملايين..
مع مباهاة شديدة بأن ترميمهم يتم علي أسس علمية وبأفضل الخامات بينما ماسبق من ترميمات لم تكن كذلك.. وبين هذا وذاك تضيع الحقيقة .. حقيقة ما أصبحت عليه آثار مصر.. وكأن الآثار المصرية (اسلامية وفرعونية) قد كتب عليها أن تظل أسيرة إلي الأبد لوزارة الثقافة ووزيرها الخالد ، وعندما يجرؤ أي مخلص لمصر وآثارها المنهوبة على التفكير في سبل حماية الآثار المنهوبة والمطالبة بإنشاء وزارة للآثار تنهال عليه الردود وأحيانا الشتائم، فقد سبق أن وصف الوزير الخالد للثقافة كل من طالب بإنشاء وزارة للآثار بأنه (جاهل)، وانسحب هذا (السب العلني) علي عدد من كبار الأساتذة المتخصصين المعروفين للمتابع الجاد لمصائب الآثار المصرية ولا أود ذكرهم حتي لا أقع في نفس خطأ الوزير الخالد وإن كنت شخصيا قد تشرفت بالمطالبة بإنشاء وزارة للآثار في عدة مقالات منشورة في جريدة الوفد منذ سنوات وآخرها نشر في جريدة الميدان في يوليو2004.
من بين القضايا الهامة التي آثارها حوار أخبار الادب مع الأثري الكبير والقديم صاحب الخبرة الطويلة في المجال الأثري عبد الرحمن عبد التواب ضرورة إنشاء وزارة للآثار وبراءة أحمد قدري رئيس هيئة الآثار السابق الذي مات كمدا بعد أن تنكر له الجميع.. وفي الأمرين لابد من التوقف خاصة أن رد أيمن عبد المنعم يدفع القاريء الي الشك في أسباب استمرار الآثار في مصر بلا وزارة.
الآثار المصرية بعد إلغاء هيئة الآثار أصبحت مجرد مجلس له أمين ومنتدب منذ إقصاء أحمد قدري، وأموال هيئة الآثار مئات الملايين أصبحت ضمن موارد وزارة الثقافة وبالذات صندوق التنمية الثقافية الذي تناوب عليه سير غريب وصلاح شقوير وأيمن عبد المنعم .. أي أن أمـــوال هيئة الآثار أصبحت في الصندوق .. والصندوق مفتاحه معهم ..
هذا غير السفريات والمعارض الخارجية للآثار والترميم بمئات الملايين سنويا .. بينما السرقات في أزهي عصورها ويشارك فيها أصحاب أسماء ومراكز كبيرة في وزارة الثقافة بل وفي الدولة نفسها وهوماكشفته الأحكام القضائية ضد طارق السويسي ومدير عام ادارة الآثار المستردة والحيازة أبو شنب الذي إخترع له حواس ادارة !! أي أن حاميها حراميها..
و.. وزارة الثقافة وكبار المسئولين فيها يسارعون بالظهور في الصحف والتليفزيون ليؤكدوا مع كل جريمة يتم ضبطها أن الأمور في الطريق للسيطرة عليها بتسجيل الآثار الكترونيا ودوليا وإنشاء متاحف ومخازن جديدة غير القديمة المتهالكة وكأن الآثار قد هبطت عليهم أمس من السماء ولم تكن تابعة لهم منذ أكثر من سبعة عشر عاما !! وبالطبع لابد من تجميل الأمر فيخرج علينا مسئول للتبشير بأن الاثار بخير وكل يوم نكتشف آثارا جديدة مع إفتتاح لترميم أومبني أو حتي حديقة يحضره غالبا أحد أهم المسئولين في البلد..
وبالطبع لايمكن لعاقل أن يصدق إستمرار وجود الآثار في ظل وزارة الثقافة .. أقول عاقل .. وليس من المستفيدين من بقاء الوضع علي ماهوعليه بأي شكل من الأشكال.. والأغرب أن أيمن عبد المنعم نفسه يؤكد في رده أن ( المجلس الأعلي للآثار بقطاعاته الحالية يعتبر وزارة بالفعل وأمين عام المجلس الأعلي للآثار مفوض تفويضا كاملا بسلطات الوزير( وقريب من هذا تصريحات زاهي حواس الأمين المنتدب للآثار.
واذا كان الحال كذلك فلماذا الاصرار علي استمرار تبعية الآثار للثقافة؟
وبالمناسبة.. سمير غريب نفسه سبق له أن طالب بإلغاء وزارة الثقافة نفسها لأنها ( عقبة أمام تفعيل الهيئات والمجالس الثقافية في مصر) !! وهؤلاء جميعا من المقربين للوزير الخالد وكأنه قد شهد شاهد من أهلها ..
وبالمناسبة فإن أيمن عبد المنعم لم يصل إلي علمه أن أحمد قدري الذي أرسل بعثات المرممين المصريين الي كل مكان في العالم للتعلم و الدراسة ليس له علاقة بترميم ( أبوالهول) والذي رممه في العشرينات المرمم الشهير مسيو إميل باريزي كما يقول الأستاذ الدكتور المتخصص علي رضوان أستاذ الحضارة المصرية القديمة وعميد الآثار الأسبق الذي يؤكد للسيدة سكينة فؤاد أن الكتلة التي سقطت من كتف التمثال سبق سقوطها منه في العشرينات وأعادها المرمم الأجنبي ..
وإذا كان رد أيمن عبد المنعم يغمز ويلمز الترميمات التي تمت في عهد أحمد قدري فإنني أقول له أن القلعة قد قام بترميمها آلاف من الشباب المصريين تحت إشراف كبار المتخصصين ويوجد فيلم تسجيلي عنها يمكنه مشاهدته، كما أن المتحف الحربي ومتحف المركبات الملكيةيشهدان علي إنجازات الرجل التي شاهدتهابنفسي بعد أن عدنا من البعثة التي قضينا خلالها أياما وشهورا نحلم فيها لمصر بكل خير في مجالي الثقافة والآثار.. وبالمناسبة كنت حاضرا أثناء معركة أحمد قدري التي حدثت في مكتب الوزير الخالد والتي تم الإطاحة به بسببها. وهي معركة تحسب له لا عليه ..
وأخيرا.. بدون مناسبة هذه المرة.
لماذا لايقول لنا السيد أيمن عبد المنعم ماذا كان يفعل مع حواس والوزير عند الشيخ القطري.. وماهي صفته هناك؟ وهل عادت القطع التي أهداها لمصر أولا؟ وكيف رضي الدكتور حواس عن وجود آلاف القطاع الاثرية المصرية لديه ثم يدعون أنه إشتراها من مزادات عالمية.. هل لديهم إثبات علي ذلك؟ الحقيقة أن الأمر كله مريب خاصة أن لصوص الاثار كما كشفت قضية السويسي أكبر من موظف صغير.. الأهم هنا أن تعود الآثار التي عند الشيخ القطري والتي رآها بنفسه الوزير وأيمن عبد المنتعم فهذه مهمة قومية وأعتقد أنهما لن يفعلا ذلك ولا الدكتور حواس الذي نسي إستعادة حجر رشيد وسط معركته مع الباحثة الانجليزية ومدير المتحف الألماني الذي سخر من عملية الروبت الشهيرة. لن يفعلوا ذلك لأن الشيخ القطري في محبسه أو مقر إقامته الإجباري بعد أن نزعت عنه كل صفاته الرسمية الثقافية وهو صديق لهم دعاهم وأكلوا وشربوا عنده وربما تلقوا هداياه ووقعوا معه إتفاقية مريبة للتنقيب عن الآثار في تل العمارنة حيث إخناتون والإدعاءات اليهودية حوله ، وهو مايستدعي حديث آخر.. فالشيخ وعلاقة أهل الثقافة والآثار في مصر به أكبر من أن تأتي بشكل عابر..
بعد كل ذلك.. أقول مع الأثري الكبير (وزارة الآثار الحل المناسب لكل المشكلات) وأضيف أن وزارة الآثار في مصر ضرورة قومية وهي (الحل المناسب لكل المصائب)
د. حمدي الجابري
مقال سبق نشره .. قبل أن يتم إنشاء وزارة الآثار ..