
د.احسان عباس
فاضل السلطاني
ضمن مسعى صفحة (ثقافة) في (الشرق الأوسط) لفتح ملفات أساسية في الثقافة العربية ستنشر تباعا، كان التحقيق الذي نشرناه الأحد الماضي عن ثقافة الطفل عموما، وكتاب الطفل بشكل خاص. وهي مشكلة قديمة – جديدة، ويبدو أنها عصية على الحل في المستقبل المنظور على الأقل. لقد اتفق أصحاب دور النشر المشاركون في التحقيق على مشكلة واحدة هي في الحقيقة أم المشكلات: المال. ومن هذه المشكلة تتفرع كل المشكلات الأخرى، ومنها أجور الكتاب والرسامين، التي يخجل المرء من ذكرها. هل يمكن تدارك هذا الخلل الكبير في الثقافة العربية، الذي لا نريد أن نعترف به، ونتحاشى أية وقفة جدية لتشخيص أسبابه، وطبيعته، وبالتالي معالجته، ولو جزئيا؟ لقد حاولت دور نشر خاصة وتحاول تدارك الوضع بعض الشيء، لقد نشأت دور نشر كثيرة خاصة منذ بداية السبعينات، وكذلك كانت هناك، وربما لا تزال، مؤسسات حكومية في أكثر من بلد عربي معنية بثقافة الطفل، ويمكن أن نشير هنا على سبيل المثال إلى تجربتين، خاصة وعامة، كان لهما إسهاماتهما الواضحة في نشر ثقافة الطفل. التجربة الأولى تمثلت في تأسيس أول دار نشر عربية خاصة للأطفال وهي (دار الفتى العربي) التي أنشئت في بيروت عام 1974 نتيجة أبحاث جماعية لعدد من الخبراء والممارسين في حقل ثقافة الطفل والوسائل
كتاب الطفل مكلف جدا في مجتمعات لم تصبح فيها القراءة بعدُ حاجة ضرورية، حتى بالنسبة إلى الكبار. وهو لا يحتاج فقط إلى توفر صناعة حقيقية بكل عناصرها الضرورية المتعلقة بعملية إنتاج كتاب للطفل، وإنما أيضا إلى تخطيط تربوي بعيد المدى. ولا نعتقد أن دور النشر الخاصة، مع احترامنا لكل جهودها النبيلة في هذا المجال، قادرة على الاضطلاع بذلك. ولذلك نرى قسما منها يلجأ إلى الكتاب الأجنبي الجاهز، كتابة ورسوما، على حساب الكاتب والرسام العربيين، اللذين يعانيان بسبب ذلك من بطالة واضحة، بالإضافة بالطبع إلى هضم الحقوق الأدبية لدار النشر الأجنبية. وعموما، يبدو أن عملية نشر ثقافة الطفل بشكل منهجي مستمر بحاجة إلى جهود مؤسسات كبيرة لا تملكها سوى الوزارات المختصة في بلدان لا يزال القطاع العام يشكل فيها العصب الرئيسي، مقابل ضعف القطاع الخاص، ومنه قطاع النشر. ولعل من الحلول الناجعة مساهمة الدولة، ولا نقول الحكومة، رغم أن الفصل بينهما صعب في بلداننا، في دعم دور النشر المختصة بأدب الطفل، دعما ماديا غير مشروط، وغير محكوم بأهوائها السياسية.
الشرق الاوسط الاربعـاء 02 ربيـع الثانـى 1434 هـ 13 فبراير 2013 العدد 12496