البائع خسران والشارى كسبان .. هذا ما لم تتعلمه بعض أجهزة الحكومة المصرية ولذلك كان إعلان رئيس هيئة الكتاب عن إتفاقه مع وزير الثقافة على بيع أرض الهيئة بشارع فيصل صدمة لإستمرار منطق البيع لممتلكات الدولة بدلا من تنميتها أو توظيفها فى خدمة الدولة وتوجهاتها ..هو آخر ما يخطر لهم على بال .. وقد إستمرت نفس الأرض المزمع بيعها فى ملكية هيئة الكتاب منذ سنوات طويلة ويتم إستخدامها لأغراض الهيئة ثم تأتى نفس الهيئة بعد كل هذه السنوات لتقوم ببيعها وكأنها كانت تسقع الأرض ولا فرق هنا بين الجهة الحكومية وأى تاجر أراضى لا ترضى الحكومة نفسها على سلوكه هذا .. وطبعا لم تفكر هيئة الكتاب فى كل العهود السابقة على رئيسها الحالى فى بيع تلك الأرض الى أن جاء الرئيس الحالى وقرر ذات يوم إستغلالها لإقامة ( معرض الكتاب الدولى ) بها بدلا من أرض المعارض بمدينة نصر .. وقد نبهناه الى عدم إمكانية نجاح هذا المعرض لأن المنطقة أصبحت مكتظة بالسكان .. ويبدو أنه قد أدرك ذلك بعد حين فقرر التخلص من الأرض ببيعها بدلا من إعادة توظيفها لخدمة الهيئة أو الإتفاق مع وزارة الثقافة على الإستفادة منها على وجه آخر لتحقيق أغراض وأهداف الوزارة وأجهزتها المختلفة مادامت هيئة الكتاب وحدها عاجزة عن الإستفادة منها وهو الواضح من قرار التخلص منها بالبيع .. وبصراحة إذا كان كل مسؤول فى مصر سيقوم ببيع ممتلكات الجهة التى يرأسها عندما تفشل إحدى مشروعاته فيها فإنه ربما لن يصبح قريبا لحكومة مصر ما تملكه !!
من ناحية أخرى فإنه من المناسب تذكير أى مسؤول أن أيامه فى (الكرسى) الى زوال مهما طالت مدة مكوثه فيه .. وتبقى فقط الأعمال .. السيئة أو الحسنة .. وبيع الأرض بالتأكيد ليس من الأعمال الحسنة وإلا على الوزير إتباع نفس الأمر مع بقية ممتلكات الوزارة لأنها جميعا ربما تكون فى حالة قريبة من أرض الهيئة فى شارع فيصل .. ويومها ربما يتم إلغاء هذه الوزارة نهائيا ..
بالطبع حسن إستغلال المكان يقع على عاتق الجهة التى تتبعه .. ووزارة بالثقافة نفسها وليس الهيئة فقط مهمتها تسويق العمل الثقافى فى كل الأماكن .. وإذا لم تستطع فعلى من يقوم عليها الإعتراف بذلك والبحث عن طرق أخرى تمكنه هو أو غيره من أداء هذه المهمة التى عجز عنها ..
وإذا كنا قد نبهنا الهيئة والوزارة من قبل الى عدم صلاحية إقامة معرض الكتاب فى شارع فيصل فإنه لم يخطر على البال بيع الأرض بعد فشل المعرض رغم كثرة الحديث الدعائى الكاذب عن نجاحه وهو ما يثبته التفكير فى بيع الأرض وإلا لإحتفظت به الهيئة لنفس الغرض .. وفى كل الأحوال هذا البيع سنتهى الى ما يشبه حالة عواد الذى باع أرضه فأصبح أغنية يرددها الجميع للدلالة على الخيبة والفشل .. وهو ما لا أحب أن يلتصق بالقائمين على الهيئة والوزارة فى عهد الدكتور قنديل والدكتور مرسى أى أول حكومة مدنية فى مصر منذ عام 1952 ..وزير الثقافة
وفقط للتذكرة .. هذا ما كتبناه 4 أغسطس 2011
(إقامة ثقافة شارع فيصل .. تنافس التوك توك !!
فى ظل انهيار الثقافة المصرية بعد الثورة حتى يترحم الناس على ضعفها قبل الثورة ، توصل عباقرة وزارة الثقافة الى إدعاء نشرها عبر القوافل الثقافية الهزيلة بينما مجمل الإنتاج الثقافى نفسه .. بعافية .. وآخر اختراعات الثقافة المنهارة هو إقامة معرض الكتاب فى مخزن هيئة الكتاب المهجور فى شارع فيصل .. وما أدراك ما هو شارع فيصل !!
وفى محاولة لإكساب الأمر الكثير من المشروعية والبريق ، وأيضا للتقرب من رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف أوهموه أن افتتاحه لهذا المعرض قد يكسبه شعبية يبحث عنها دائما .. وربما صدقهم دون أن يدرك أنه فخ يتم استدراجه اليه .. والسبب هو أن الشارع لا يحتمل فى الأيام العادية أى نشاط ثقافى أو حتى تجارى جديد لأنه من أكثر شوارع مصر ازدحاما بعد أن اعلن اصحاب المحلات والبلطجية وأصحاب ( التوك توك ) والميكروباص امتلاكه ، فلا يجد انسان رصيفا يمشى عليه فيضطر للمعامرة فى نهر الطريق دون ان يرحمه اصحاب الميكروباص أو التكاتك أو حتى الباعة الذين وصلت بجاحتهم الى احتلال نهر الطريق نفسه فى ظل غياب كل الأجهزة الرسمية فى محافظة الجيزة .. وبالطبع لم يقل أحد لرئيس الوزراء أن اقامة المعرض فى شارع فيصل سيزيد من صعوبة الأمر على الناس ووقتها سيلعنون من فكر فى اقامة المعرض فى هذا المكان المزدحم أساسا ، والأهم أن رئيس الوزراء نفسه ربما ينخدع بحملات النظافة التى ستزيل أكوام القمامة المنتشرة فى الشارع ، أو مجهود المحافظة فى تنظيم حركة السير بإبعاد التكاتك والميكروباص ، أو تحجيم اصحاب المحلات فيتم تحرير الأرصفة من عدوانهم أثناء سير رئيس الوزراء للوصول الى مكان إقامة المعرض .. وبعد الزيارة يعود كل شيىء الى ما كان عليه .. ليعود الناس للإعتراف بأن ثورة مصر لم تصل الى شارع فيصل .. ووقتها سيضحك اصحاب المحلاب والتكاتك والميكروباص والبلطجية على إدعاء الحكومة الغفلة عما يحدث فى شارع فيصل .. أما ضيوف المعرض من الصحفيين والإعلاميين وغيرهم فإنهم ربما يضحكون أيضا على غفلة الحكومة وإن كان المؤكد أنهم سيجدون ما هو جدير بتعليقاتهم فى شارع فيصل .. أكثر من المعرض نفسه ..
الحقيقة اننى بدأت أظن أن هناك من يسعى لتوريط رئيس الوزراء فى كل ما يجلب عليه سخط وغضب المواطن المصرى .. ومنهم سكان شارع فيصل الذين لا يجدون ما يحميهم من فوضى الشارع .. قبل الثورة .. وبعدها ..
كان الله فى عون الدكتور عصام شرف من وزرائه ومستشاريه ومعاونيه .. وكان الله فى عون أهل مصر منهم جميعا .. (
أتمنى أن يقرأ ويفهم أحد فى عموم بر مصر .. المحروسة التى تكاد أن تصبح .. منكوبة