
بدر محارب
بدر محارب
عبد العزيز المسلم
خالد رمضان
نيفين أبو لافي
تلعب الدراما المحلية دورا مهمًّا في ترسيخ بعض المفاهيم التي باتت جزءا من عادات مجتمعنا، وإن كان منها ما هو جديد وليس بقريب من ملامحنا الأصيلة، فأخذتنا إلى عالم متعدد الأشكال والألوان وغربت بعض المفاهيم تبعا لسياسة العالم المفتوح.
اللهجة والمفردة من أهم الموروثات التي تحدد عناوين الشعوب، والتي من خلالها تتميز الامم وتتفرد عن غيرها بما يخصها من كلمات وحوارات، والدراما هي البيئة الحاضنة لكل المفردات والقيم والعادات والتقاليد، وهي النافذة التي يطل علينا منها الآخرون ليتعرفوا على مجتمعنا، إلا أننا بتنا نسمع كلمات وإن كانت عربية الاصل أو حتى خليجية لكنها بعيدة عن المفردة الكويتية التي باتت تفقد مكانتها ومذاقها الخاص.
«خليك كول»، «فديتك»، «هلقني»، «ظبطني» والكثير من المفردات التي بتنا نسمعها على ألسنة الممثلين وخصوصا الشباب منهم لا تمت الى المفردة الكويتية بصلة، اقتحمت عالم الدارما التلفزيونية ومنها ما جاء بحكم الاحتكاك بالمجتمعات الأخرى، ولو كان هناك مدقق لغوي على النصوص أو من يعمل على تنقيح بعض تلك المفردات لما بتنا نسمع هذه الكلمات التي تعلمها الصغار، وأصبحت جزءا من حواراتهم اليومية في حين أننا لم نعد نسمع الكلمات الكويتية والحوارات الواجب على أبنائنا تعلمها.
هذا الامر لا يقتصر على الدراما التلفزيونية فحسب بل يتعداه الى المسرح والإذاعة والبرامج التلفزيونية الأمر الذي يستحق الوقوف عنده، والبحث في أساليب تعزز من قيمة المفردة الكويتية وتبرزها على السطح قبل ان يأتي زمان لا يكاد فيه ابناؤنا يعرفون أصول لهجتهم المحلية وتصبح خليطا من عدة لهجات بل ولغات أخرى.
لهجة أصيلة
الكاتب بدر محارب تحدث عن هذا الموضوع قائلا: بالتأكيد لو أردنا المقارنة بين المفردة الكويتية في الأعمال المحلية في فترة السبعينات والثمانينات لن تكون هي نفسها التي تعتمد عليها الدراما المحلية في وقتنا الحالي، حيث كانت الكلمات والحوارات في تلك الفترة مرتبطة باللهجة الأصيلة التي قد لا يفهم معظم كلماتها أبناء الجيل الحالي، وذلك لاختلاف الأجيال وابتكار بعض المفردات من بعض الشباب واندماجها باللهجة اليومية إلى جانب ابتداع الكتاب الجدد من الشباب لهجة محلية مبسطة تداخلت فيها لغة الشارع الدارجة مستقطبين بعض المفردات من خارج رحم الوطن، أو استخدام بعض الكلمات في غير مواضعها.
ويوضح: على سبيل المثال استخدام كلمة «راح» أروح أو «راح» آكل في الجمل وهي لا تمت الى اللهجة الكويتية بصلة والصحيح «باكل» «بروح» واجترها كل من الآخر لتصبح في اللهجة الدارجة.
أضاف قائلا: مع انتشار الفضائيات والطلب على الأعمال الدرامية اصبح هناك ما يسمى باللهجة البيضاء التي تمكن الجميع من فهم المفردة المحلية، وقد تكون مقبولة دون تشويه الكلمة لكنها غير مقبولة في الأعمال التراثية التي يجب أن تكتب بلهجة ذاك الزمن لا الزمن الحاضر.
تشريح الشخصيات
الفنان عبد العزيز المسلم قال: من الملاحظ أن معظم الشخوص الدرامية تتكلم حال لسان الكاتب نفسه، وقد اصبحت سمة من سمات الدراما الخليجية، وهذا يدل على ضحالة معرفة الكاتب بأصول الدراما وتشريح الشخصيات، فأنا ككاتب أهتم بتشريح الشخصية ثم البيئة التي تنتمي اليها واللهجة التي يجب أن تتحدثها كل شخصية وفقا لسنها، وعندما يكون العمل تراثيا بالتأكيد يجب أن تكون كل حواراته ومفرداته كما هي في الخمسينات أو الأربعينات، أو أي زمن وقع فيه الحدث مما يتطلب الاستعانة بذوي الخبرة في اللهجة الكويتية.
وعن أسباب الخلل قال المسلم: قد يكون السبب في غزو بعض المفردات الدخيلة على لهجتنا هو شراء بعض النصوص العربية و«تلهيج» الحوارات الى الكويتية دون مراعاة بعض الفروقات في البيئة والمناخ العام إلى جانب التغريب الذي طرأ على حياتنا اليومية من بعد سياسة الجينز، إلى جانب مساهمة بعض الفضائيات في تغريب ثقافتنا، حتى بتنا لا نستنكر بعض الممارسات والملابس الفاضحة التي يرتديها البعض، فكيف لنا أن نحافظ على المفردة في ظل كل هذه المتغيرات إن لم يكن هناك حرص عام عليها.
أمر طبيعي
أما الكاتب حمد بدر فقد اعتبر أن الجيل الحالي لا يعرف الكثير من الكلمات والمفردات الكويتية لكن ليست الدراما وحدها المطالبة بتأصيلها، فالتطور في المجتمعات واللهجات أمر طبيعي مع مرور الزمن قائلا: نحن ككتاب قد نحاول تسهيل معنى الكلمة للمشاهد في الأعمال الدرامية التي تتناول قضايا من واقعنا المعاصر، لكنها بالتأكيد ليست المفردة نفسها التي يجب أن تستخدم في أي عمل تراثي لكونها تستوجب أن تكون كلمة أصيلة، أما المفردات الدخلية على اللهجة الكويتية فقد تكون أمرا طبيعيا لكوننا أصبحنا قرية كونية صغيرة في ظل وسائل التواصل المتعددة والأعمال التي يقع على عاتقها تأصيل المفردة هي الأعمال التاريخية والتراثية والخطأ فيها مرفوض.
مفردة دارجة
الكاتب فهد العليوة عبّر عن رأيه في تأصيل الدراما للمفردة الكويتية قائلا: عندما نتناول قصصا معاصرة علينا استخدام المفردة الدارجة في الواقع لكن من خلال الشخصيات كبيرة السن بالتأكيد ستتناول المفردة الكويتية تبعا للزمن التي ولدت فيه، ومن خلالها يتم تأصيل المفردة الكويتية الحقيقية، لكنني أؤكد عودة اللهجة الكويتية في الدراما من خلال عدد كبير من الاعمال أخيرا وعلينا تأكيدها.
رمضان: سببها الاستعانة بممثلين من جنسيات مختلفة
أما د. خالد عبد اللطيف رمضان أستاذ النقد بالمعهد العالي للفنون المسرحية فيقول: يستطيع المراقب للمسلسلات الدرامية التلفزيونية ملاحظة التحوُّل الواضح باللهجة الكويتية خلال سنوات قليلة بفعل الاستعانة بممثلين من جنسيات مختلفة لأداء أدوار شخصيات كويتية، ويصعب على أي باحث لغوي متابعة هذا التحول السريع الذي يتمثل بتحوير نطق كثير من المفردات الكويتية واستخدام مفردات جديدة لم يألفها المجتمع الكويتي، مما سبَّب تذمر الكثير من المهتمين باللهجة الكويتية باعتبارها جزءاً من سمات المجتمع وخصائصه المميزة، ورغم وجود ممثلين مخضرمين في معظم المسلسلات فإنهم لا يهتمون بتصويب النطق لبعض الممثلين الناشئين مما يسبب أخطاء كثيرة في النطق وضياع معالم اللهجة المحلية.
القبس 2012/12/24