
المصرى المطحون
د. حمدى الجابرى
“ التوك توك ” لمن لا يعرف هو وسيلة نقل بدائية تجوب شوارع الأحياء الشعبية فى مصر دون حسيب أو رقيب بعد أن فشلت الحكومة فى تقنين أوضاعه وفرضت وجوده أوضاع الحياة المتردية للفقراء فى مصر ، فاستسلمت الحكومة للأمر الواقع ومعها الانسان المصرى البسيط ، ورغم ذلك لم يتم حل مشكلة المواصلات بل ازدادت سوءا ولم يصبح الأمر الواقع الجديد يسر عدوا ولا حبيبا حيث ساهم ” التوك توك ” فى الكثير من حوادث الطرق واصابة الناس وأيضا زيادة جرائم التحرش والخطف والاعتداء أحيانا مما جعله يحتل مكانة كبيرة فى صفحات الحوادث وبرامج ” التوك .. شو ” على الفضائيات ..
واذا كانت الحكومة ، فى ظل مشكلة المواصلات المستعصية على الحل ، قد أعلنت عن عجزها عن حل مشكلة التوك توك ، فإن الأمر الواقع قد فرض نفسه على الجميع فى ظل هزيمة الحكومة واستسلام المواطن المصرى فأصبح ” التوك توك ” يسير فى الشارع نهارا وليلا بدون ترخيص أو أرقام يقوده بعض الصبية ممن لا يحملون رخصة قيادة ، وانضم اليهم الكثير من البلطجية والعاطلين عن العمل ، وبالطبع النتيجة أصبحت معروفة مقدما .. حوادث لا حصر لها يدفع ثمنها البشر والحجر خاصة وأن ” التوك توك” وقائده لا يحترمان حرمة انسان أو مكان أو ممتلكات بعد أن غاب عقل من يقودون ” التكاتك ” بفعلالمخدرات ، وغابت الحكومة وراء الكثير من الشعارات عن ” أكل العيش ” وفرصة العمل التى يوفرها ” التوك توك ” للمئات من العاطلين عن العمل مما ساهم فى استسلام الحكومة بكل اجهزتها للأمر الواقع، ولا مانع طبعا من التصريح بتشكيل لجان ولجان لبحث الأوضاع وتقنينها وهو ما لم يحدث حتى الآن ، بينما استمرت نتائج ” التوك توك ” المدمرة مع فقدان الكثير من البشر لحياتهم فى حوادث طرق لم يتم التوصل الى مرتكبها ، مثلها فى ذلك مثل بعض جرائم الخطف والاغتصاب وترويج الممنوعات ، التى قد يكون التوك توك واصحابه وقادته الأداة الرئيسية فيها .. و .. انتهت هوجة ” التوك توك” الى تسليم الشارع المصرى له يفعل به وفيه ما يشاء حتى الآن بعد أن نسيت الحكومه أمره تماما فى انتظار ما ستتوصل اليه لجان بحث تقنين أوضاع .. ” التوك توك ” !
نفس منطق التعامل مع التوك توك فى الشارع المصرى إنتقل الى شارع الصحافة الذى ظهر فيه ” التوك توك ” الصحفى ، ولا فرق بين هذا وذاك ، فالتشابه كبير يكاد يصل الى حد التطاق التام .. وأيضا رغم تعدد الأسباب كانت النتائج واحدة تقريبا .. الكثير من الحوادث والضحايا والأشلاء المتناثرة فى الشارعين !!
واذا كان منع اصدار تراخيص للصحف فى مصر قد أدى الى الحصول عليها من دول اجنبية ، فان طباعتها وتوزيعها يتم فى مصر ، طبقا للقانون ، وكون أن التوزيع يتم فى مصر وحدها ، فان ذلك لابد أن يكشف أن حيلة الحصول على التراخيص لم تكن كافية لحماية المجتمع لأن النتيجة واحدة ، صحف تصدر بتراخيص خارجية فى حين أنها موجهة للداخل فى مصر مما عرض هذا الداخل للكثير من احتمالات الإصابة بشظايا الصحافة المستترة وراء التراخيص الأجنبية ، حيث طالت الشظايا الوزير قبل الخفير ولم يسلم أحد من أذى هذه الصحف التى وان كان لا يعرف مصدر تمويلها إلا أن حرصها على التوزيع والحصول على الاعلانات لتستمر حياتها قد أحاطها دائما بكثير من الشك الذى لم يفسر أبدا لصالح المجتمع والناس وبهذا تم تفريغ القانون من محتواه أو هدفه وأيضا إصابة نقابة الصحفيين نفسها بالكثير من الأمراض عندما وقفت تتفرج على ما يجرى فى شارع الصحافة فى مصر دون أن تجرؤ على اتخاذ اى موقف من اى نوع ولذلك استمر اصحاب الصحف الأجنبية فى اصدار مطبوعاتهم بكل ما فيها من أخبار مفتعلة أو آراء ليس بعيدة عن الهوى والغرض فى معظم الأحيان ولم تنفع الشكوى والأنين للجرحى والمصابين من طلقات هذه الصحافة التى سرعان ما يكتشف القارىء المتمرس أنها مجرد طلقات “فشنك” عديمة الجدوى خاصة عندما يثبت بالدليل أن المنشور فيها لا يستند الى أى دليل من اى نوع !! مثلها فى ذلك مثل ” التوك توك ” تماما .. وان كان الحال هنا بالكلمات التى تقع على رأس المواطن كالقضاء المستعجل وليس بالعجلات التى تركب فوق رأس المواطن وجسده أيضا كالقضاء المستعجل ..
الغريب بالفعل أن قانون تنظيم الصحافة فى مصر لسنة 1996 سرعان ما تم اختراقه بميثاق الشرف الصحفى عام 1998 الذى صدر بمعرفة النقابة والمجلس الأعلى للصحافة فى مصر حتى تتم محاسبة الصحفى بعيدا عن المحاكم حماية له من التعرض لأحكامها فى حالة ادانته، والأغرب أن نفس ميثاق الشرف قد أكد بحسم شديد على منع اعتداء الصحفى على المواطن وكرامته وسمعته والتشهير به والتعرض لعرضه ، ولكن ذلك كان مجرد كلام فى الهواء لتبرير وضع الصحفى فى مكانة بعيدة عن القانون العام أو فوقه حيث لم تتم محاسبة أو محاكمة صحفى واحد وفق آلية ميثاق الشرف الصحفى من خلال لجنة تحقيق فى المنسوب اليه يعقبها هيئة تأديب ثم هيئة استئناف ولذلك ظلت والى الآن مجرد آليات بعيدة عن التطبيق تسبقها شعارات كثيرة عن حرية الرأى والتعبير التى تصبح بدورها فاقدة المعنى والقيمة عندما لا يتعلق الأمر بالرأى أوالتعبير ليصل الى حد القذف الصريح فى حق الشرفاء والاساءة الى سمعتهم وكرامتهم وأعراضهم باسناد امور غير صحيحة اليهم دون وجه حق على الاطلاق ، وعندما يطالب المجنى عليهم بحقهم فى التقاضى أمام القاضى الطبيعى سرعان ما يتم اشهار سيف حرية الرأى والتعبير !! ويضيع الحق بين هذا وذاك لتزداد الصحف المعتدية اصرارا على الاساءة للجميع .. الكبير قبل الصغير .. دون رادع أو حساب أو قانون مما وضع الجميع تحت سيف التشهير عن طريق الأخبار الكاذبة والأقوال الفاضحة والأفعال المشينة التى تنسبها هذه الصحف اليهم بين حين وآخر .. وايضا دون أن تتدخل النقابة أو العقلاء من أشراف عالم الصحافة وعقلائه لترشيد كل هذا الجموح الطاغى الذى أصبح السمة الوحيدة تقريبا لهذه الصحف .. الأجنبية فى مصر !!
ولا شك أن هذه الصحف الأجنبية فى مصر قد شعر أصحابها أنهم فوق القانون وخاصة قانون الصحافة المصرية اذ ينطبق عليهم قانون المطبوعات رغم أن الأخير قد عرضها لكثير من الأخطار عندما أعطى للجهة الادارية وزارة الاعلام واللجنة المشكلة من رئيس مجلس الوزراء حق الموافقة على ترخيص طباعة الصحف الأجنبية فى مصر وليس اصدارها ، وبالتالى تملك أيضا الحق ، وفقا لهذا القانون ، فى مصادرة الصحيفة ومنع طباعتها وتوزيعها وهو ما لا يمكن أن يحدث مع الصحف المصرية التى لا يتم معها ذلك وفق آليات واجراءات قانونية أخرى تحمى الصحيفة والمواطن والقارىء فى نفس الوقت .. لذلك كان من السهل دائما قيام الجهة الادارية بعد مراقبة الصحيفة الأجنبية الأمر بمصادرتها ووقفها وهو ما حدث أكثر من مرة مع نفس الصحيفة التى اساءت الى الفنان القدوة نور الشريف والفنان المكافح دائما حمدى الوزير وغيرهم بصورة لم يسبق لها مثيل ودون دليل ..
الجريدة نشرت فى صفحتها الأولى وبالعناوين المثيرة والصور ” خبرا ” عن تورطهم فى إرتكاب افعال منافية للآداب ، وأكدت الصحيفة امتلاكها للدليل وهو عبارة عن محضر شرطة رسمى ومحضر تحقيق النيابة العامة ، وأمام هول الاتهام وجسامة الاساءة الى الفنانين الكبار سرعان ما قامت الدنيا عن حق خاصة عندما أصدرت وزارة الداخلية بعد البحث تكذيبا رسميا للواقعة المنسوبة الى الفنانين من واقع المحاضر الرسمية اذ لا وجود لأى محضر فى الشرطة يتعلق بالفنانين المذكورين ، كما أن النيابة العامة أصدرت هى الأخرى بيانا دامغا ينفى وجود أى تحقيق من أى نوع مع الفنانين .. وتأكد الجميع أن الأمر لم يكن أكثر من طعن صريح فى أعراض الفنانين المذكورين .. أى أنه قد وقع ظلم شديد عليهم وضرر أشد ينبغى جبره ..
وبدلا من الاعتراف بالحق ، قام رئيس تحرير الصحيفة وغيره باللجوء الى حرية الرأى والتعبير كوسيلة لتبرير ما تم نشره من أكاذيب ، وكأن للصحفى الحق فى نشر الأكاذيب والاتهامات للشرفاء واذا ما قيل له أن نشر الأكاذيب ليس من الحرية فى شيىء يبدأ الصراخ ، رغم أن الحقيقة أن تلك الحرية لابد أن يحدها الحق فى الحفاظ على كرامة الناس وسمعتهم وأعراضهم التى نص عليها نفس القانون الذى منح للصحيفة الحق فى الحياة فى مصر .. وبالتالى فإنها حرية مقيدة بحق من أجل الدفاع عن الأبرياء وصيانة الحق .. وإذا ما ارتكب الصحفى خطأ ما بالمصادفة أو اعتمادا على مصادر مضللة فان اولى واجباته تصويب الأمر وجبر الضرر باصلاح الخطأ بكل السبل الممكنة .. ايضا حفاظا على حق المجنى عليه وعلى مصداقية الجريدة نفسها ..
ولكن مع الحادثة الأخيرة وهى ليست الأولى لهذه الجريدة الأجنبية ، بدلا من تصويب الخطأ ملأ رئيس تحريرها الفضائيات صراخا باصراره على أنه لم يرتكب أى خطأ ” مهنى ” ربما خوفا من نتيجة المحاكمة التى قد تم تحويله اليها فربما أدى ذلك الى خوف المجنى عليهم من تلقى المزيد من الفضائح الباطلة فيتنازلون عن القضية وهو ما طالب به صراحة البعض أيضا دون وجه حق .. لذلك أكد رئيس التحرير أن لديه محضرا ولكنه لن يظهرصورته حتى لا يتهم بالتزوير أى أنه لا وجود فعلى لمحضر سبق له تأكيد وجوده ، وفى جلسة المحاكمة لوح للجميع بسى دى مؤكدا أنه يحمل دليل براءته مما قد يوحى بأن الجريمة الكاذبة قد تم تصويرها بالفيديو، وعندما تمت مطالبته بتقديم الدليل “السى دى” للمحكمة أعلن أنه تم ارساله الى الخارج للتأكد من صحته .. أى أنه موجود ولكن لم يتم التأكد من صحته قبل النشر وهو ما كان يجب أن يحدث قبل النشر حتى لا يكون خطأ ” مهنى ” ، وبالتالى فإن الحديث عن المصادر الموثوق فيها أو الأدلة ( محضر شرطة – سى دى ) لا يمكن الاعتماد عليهما أو تصديقهما خاصة وأنه تم تكذيب محضر الشرطة وتحقيق النيابة من الأجهزة المنسوب صدورها عنها ليبقى السى دى وحده فى مهب الريح كوسيلة ضغط على الفنانين يتم التلويح بها عبر الفضائيات دون أن يتأكد أحد من صحته حتى الذى قام بالتلويح به فضلا عن المحكمة صاحبة الحق فى الاطلاع عليه !!
ولأن الأمر قد وصل الى احتمالات كثيرة ليست بالقطع فى صالح المتهمين وغيرهم ممن تطالهم الشبهات ، لذلك سرعان ما قام محرر الخبر بالاعتذار للنجم نور الشريف على الهواء طالبا السماح والعفو لأنه لا دخل له به وهو ما يثبته محرر رسمى تم تقديمه للمحكمة وقع عليه رئيس التحرير الذى أكد فيه مسئوليته عن الخبر المنشور ، وأبلغ وزير الاعلام نقيب المهن التمثيلية أشرف زكى ونور الشريف أنه لم يصادر الجريدة قبل التوزيع حتى لا تكسب شهرة كبيرة، وكأنه لا يهتم بسمعة الفنان وحياته ومستقبله والضرر الواقع عليه التى فضل التضحية بها مقابل الحد من الشهرة المحتملة للصحيفة ، وهو ما لا يمكن تصوره لأن نفس الوزير الذى سمح لنفس الصحفية بالهجوم على ابن صفوت الشريف واعلان افلاسه فى عدد 29 ، كان قد وقف بالمرصاد للعدد رقم 50 الذى تمت مصادرته لتعرضه للمملكة العربية السعودية .. وهنا قد يكون التساؤل مشروعا حول الأسباب الحقيقية للسماح بالهجوم على ابن صفوت الشريف ، وأيضا وهذا هو الأهم هنا ، حقيقة السبب وراء السماح بالصدور فى حالة النجم نور الشريف ، فهل الاساءة يمكن قبولها وتمريرها والسماح بوصولها الى الناس فى مصر اذا ما تعلق الأمر بابن صفوت الشريف لأسباب يمكن التكهن ببعضها ومنها الصراع المحتمل بين وزير الاعلام الحالى ووزير الاعلام السابق، أو نور الشريف لأسباب غير معروفة ؟
أعتقد أن تبرير وزير الاعلام لابد وأن يكون ضعيفا خاصة وأنه لا يصمد طويلا أمام حقيقة أن الجريمة أو الاساءة المتعمدة لأى انسان يجب منعها فى المهد دون أية تعلات واهية ، على الأقل حتى لا يفتح الباب واسعا أمام التفسيرات والتكهنات المختلفة حول الهدف من السماح بنشر هذه الأكاذيب ، سواء على المستوى السياسى أو الاجتماعى أو الشخصى وهو ما يمكن أن يسيىء الى الجميع وليس فقط من نسب اليهم الأعمال الشائنة وحدهم..
ومن ناحية أخرى ، فإن الاساءة التى لحقت بالجميع نتيجة ما تم نشره قد أدت الى أن يسارع الجميع ايضا بالعمل على اظهار الحقيقة سواء بالبيانات الحكومية الرسمية أو بالاعتراض على ما تم نشره ، فمثلا قام جلال دويدار أمين عام المجلس الأعلى للصحافة بالتعليق على ما نشرته الصحيفة عن نور الشريف ووقوف المجلس ضد الصحيفى مؤكدا أن هناك العشرات من الشكاوى ضد هذه الجريدة ، وأن هدفها عمل قلق ومشاكل فى المجتمع المصرى ، وأن هناك من 10 – 12 قضية سب وقذف وتشهير مرفوعة ضد الجريدة لينتهى بانفعال شديد لطرح ما يراه .. هل ما نشرته هذه الصحيفة يمثل حرية الصحافة أو حرية التعبير ؟ .. أما الشاعر الكبير فاروق جويدة صاحب الآراء الاصلاحية لمشاكل المجتمع المصرى والتى تم بسببها استبعاده من لجان المجلس الأعلى للثقافة عقابا له ، فإنه يؤكد : نحن نعيش أسوأ فترة صحفية !! بينما وضع أنيس منصور الجميع أمام الحقيقة المرة بقوله أن مصر تشهد الآن مشاكل الزبالة والصرف الصحى و.. الصرف الصحفى .. وأعتقد أنها كلها مشاكل ذات رائحة كريهة تدين ولاشك هذا الزمان بأكمله..
أما النائب الصحفى مصطفى بكرى فقد كان أكثر تحديدا وكشفا لما يرى أنه الحقيقة وحدها بقوله ” .. مثل هذا النوع من الصحافة الرخيصة، صدر لممارسة الابتزاز والإساءة إلي سمعة الناس، أبطاله هم مجموعة من المبتزين، مارسوا الابتزاز في محافظة البحر الأحمر فحصلوا علي أراض باعوها بالملايين، فضائحهم علي كل لسان، يبدأون بحملة الإساءة والابتزاز ثم يرسلون مندوبهم للتفاوض والحصول علي المال، وفي هذا وقائع كثيرة ومتعددة. تسللوا إلي الوسط الصحفي في غفلة، ومارسوا بداخله أحط أنواع الابتزاز والفساد، الصحافة لديهم وسيلة لجمع الأموال، يرهبون الآخرين بحكاياتهم المفبركة، ومعلوماتهم الكاذبة، وادعاءاتهم المقيتة. وقد استطاع هؤلاء في غفلة من الزمن، ولسبب تراخي مجلس نقابة الصحفيين والنقيب عن القيام بدورهم لمحاسبة هؤلاء، فقد شعروا بأنهم فوق الحساب، وأن أحدًا لن يستطيع أن ينال منهم، خاصة بعد أن نجحوا في ابتزاز العديد من الوزراء والمحافظين وأصحاب القرار ورجال الأعمال “
ونفس الأمر يتكرر مع محمود بكرى بقوله ” لقد تركت الساحة خالية للمبتزين، والمشهرين، والمحتالين لأن يتسللوا علناً إلي بوابات النقابة، وأن يمارسوا تحت بصرها وصمتها أفظع صور إرهاب المواطنين، والشخصيات العامة، عبر التعريض بهم بالكلمة والصورة، وفي عناوين تحتل صدر الصفحات الرئيسية ، ينعتونهم بأقسي العبارات، ويقذفونهم بأحط الألفاظ، مستغلين في ذلك مقولة تسري في أوساط كل الصحفيين، وهي أن نقابة الصحفيين في عهد النقيب مكرم لا تحاسب أحداً، بل تترك الباب للبعض ممن يحملون معاول هدم في أيديهم لكي ينالوا ممن تفرض عليهم وضعيتهم الاجتماعية، ومكانتهم السياسية ألا يهبطوا إلي مستوي ‘الشتامين’ والباحثين عن موطئ قدم تحت شمس الصحافة لا يبلغونه بغير هذا السلوك المتدني في القول والفعل ” .
وكذلك سعيد شعيب : ” بالطبع أنا ضد ما فعله الزملاء فى جريدة البلاغ، عندما نشروا هذه الإشاعات الفظيعة التى أساءت للفنان نور الشريف وزملائه، فهذه جريمة لا تغتفر ” بينما أكد صلاح عيسى أن حبس المتهمين سيتحقق حتما وفق القانون الذى يمنع التعرض للأعراض ، أما محمد حمدى فيكتب تحت عنوان “ منك لله .. يا مغربى ! يقول :
لا أعرف الزميل عبده مغربى رئيس تحرير صحيفة البلاغ الجديد التى أثارت هذه الضجة الكبيرة عندما نشرت صفحة أولى بالصور عن تورط عدد من الفنانين فى قضية أخلاقية، ولا أعتقد أننى حتى لو عرفته كنت سأغير رؤيتى لما كتبه فى صحيفته، فقد أساء مغربى لنفسه ولمهنة الصحافة وكل من يعمل بها قبل أن يسىء للفنانين الذين نشر صورهم فى صدر الصفحة الأولى من جريدته التى لم أسمع عنها من قبل. “
وأمام مثل هذه الشهادات المنشورة خلال الفترة الماضية من الحريصين على مهنة الصحافة وسمعتها وأهلها لا يمكن أن يهتز رغم حقيقة ان وضع نور وحمدى وأى فنان مصرى موضع الاتهام لأسباب غير معلومة حتى الآن لابد وأن يشير الى احتمال وضع الكثير غيرهم من أصحاب الأسماء الكبيرة فى نفس “المصيبة ” ووقتها قد لا يقتصر الأمر على اللجوء الى القضاء ربما لأن غيرهما يمتلك وسائل أكثر قدرة على الاقناع واثبات الحق وردع المخطىء خاصة اذا كان المجنى عليه من أصحاب الأسماء الأكثر نفوذا وحساسية على المستوى السياسى أو الاجتماعى أو الاقتصادى وما أكثرهم .. والثابت تاريخيا ان بعضهم لا يلتزم بالقانون كوسيلة للدفاع عن ما يعتقد أنه حقه ، وبعض الجرائم الحديثة المعروفة تؤكد ذلك أحيانا !!
تبقى الاشارة الى حقيقة أن نور وحمدى يضربان المثل بالسلوك الحضارى باللجوء الى القضاء للحصول على حقهما ممن اساء اليهما ، تلك الاساءة البالغة التى قد لا يخفف منها كثيرا أى حكم من أى نوع ضد من ارتكب هذا الجرم المشهود .. على الأقل حتى لا تظل التهمة “الحقيرة ” تطاردهما مثلما هو الحال مع غيرهما من أصحاب الأسماء الكبيرة فى الوسط الثقافى والفنى الذين لم يطالبوا بحقهم المشروع فى براءة مستحقة ولذلك لصق بهم الاتهام وحتى الآن ولن أذكر أمثلة حتى لا أساهم فى تأكيد بعض الأكاذيب التى يتم تداولها منذ زمن طويل ..
أما دموع نور أمام الجماهير فإنها تمثل كل معانى ” قهر الرجال ” ولذلك تستحق بعض التفسير ممن يملكون بعض المعلومات الحقيقية عن تاريخه وثقافته وأفعاله الحقيقية التى لم يكن من بينها أبدا فى أى يوم من الأيام مثل هذا الاتهام الكاذب الذى لم يكن ليصدر عن انسان فى غير زمن “التوك توك “ فى الشارع .. شارع الصحافة المصرية ..
وبالمناسبة .. اتضح أن محرر الخبر ليس عضوا فى نقابة الصحفيين ، وهناك عشرات غيره مثله يمارسون العمل فى الصحف الأجنبية والمستقلة فى مصر ، أى أنهم يعملون بدون ترخيص رسمى من الجهة المختصة ، مثلهم فى ذلك من يقودون ” التوك توك ” ، واذا كانت نتيجة ما يكتبونه أقرب الى أفعال قادة ” التوك توك ” فهل يمكن لأحد المطالبة لهم بحرية الرأى والتعبير خاصة اذا ما اتصل ذلك بحرمات وشرف تم الاعتداء عليه ؟ ثم ألا يحق لهم فيما بعد المطالبة بعمل الطبيب والمهندس دون ترخيص مزاولة المهنة أم أن ذلك غير متصور لأن المريض سيموت مع الطبيب غير المؤهل والمرخص له ، وكذلك ستسقط العمارة فوق رأس السكان اذا ما قام ببنائها المهندس غير المؤهل والمرخص له .. فلماذا يتم كل ذلك التساهل مع الصحافة .. ربما لأنه لم يمت أحد بعد قراءة مقال رخيص رغم أن الأذى والضرر النفسى والبدنى والاجتماعى الأكيد يستحق التعامل بصورة مختلفة تماما عما هو سائد فى شارع الصحافة وإلا فليجرب أحد تصور .. مجرد تصور .. أن يكون هو نفسه المتهم المنسوب اليه هذا الاتهام الشائن.. والأمر كذلك بالنسبة لكل من يتحدث عن حرية الصحافة والرأى والتعبير اذا ما أصر أحدهم أو بعضهم على القول أن ما نسب لنور الشريف وزملائه يمكن أن يكون حرية رأى أو تعبير أو حتى صحافة بأى شكل من الأشكال .. بما فيهم رئيس التحرير نفسه اذا ما تم اتهامه لاقدر الله بما اتهم به الأبرياء .. حتى ولو كان لدى من اتهمه نفس الأسانيد التى لا تتفق مع منطق أو عقل أو قانون ..
25/10/2009 12:30