يعرفون انهم يكذبون ولذلك .. يتجملون !!
أطرف ما فى كثير من رجال المسرح فى عالمنا العربى أنهم يكذبون على أنفسهم والناس بطريقة جميلة .. فهم مرة من حاملى الرسالة مع أن بعضهم لم يقرأ كتابا فى حياته .. ومرة أخرى ، من المدافعين عن التراث والتقاليد العربية مع أن بعضهم لا يعرف من التراث والتقاليد ( العربية ) غير السيارة الفارهة التى يقودها ، ومرة ثالثة ، من المدافعين عن المبدعين الشبان مع أن بعضهم يعلم الجميع عنه أنه يقف لهم بالمرصاد فى المهرجانات مثلا لكى يفوز وحده بالجوائز الضخمة التى يرصع بها سيرته الشخصية التى لا يكفى ماء البحر لتنظيفها من الشوائب العالقة بها ..
والأكثر طرافة ، أنهم عادة ما يكيلون المديح للحركة المسرحية فى هذا البلد أو ذاك رغم علمهم والناس جميعا أنها حركة متعثرة تكاد تلفظ أنفاسها لولا عناية الله وهذا الحاكم أو ذاك الوزير أو رجل الأعمال الذى يغدق علي المسرح وعليهم طبعا مما أعطاه الله من خير عميم ولذلك يبالغون فى تقديم آيات التكريم والإعتراف بفضله خصوصا فى المهرجانات المسرحية التى تحولت بسبب تكالبهم على ثمارها الى مهرجانات شكلية لا فائدة لمعظمها ببساطة لأن ما يقدم فيها من عروض ليس دليلا على وجود حالة تنافس مسرحية بين العروض ولكنها عروض يحرص مجموعة من نفس النوعية من البشر على الإنتهاء منها وبسرعة لكى تشارك فى هذا المهرجان أو ذاك لجنى الثمار المالية والأدبية التى لا يستحقونها .. ويمكن أن تتضح الصورة أكثر إذا عرفنا أن مجموع ليالى العرض الفعلية للعروض المشاركة فى المهرجان لا تزيد عن أصابع اليد الواحدة فى أفضل الأحوال وبالتالى فإنهم يكذبون مرة أخرى عندما يصورون للناس أن مسرحياتهم المصطنعة تشكل ملامح حركة مسرحية حقيقية لمجموعة عروض فعلية فى موسم مسرحى .. وهو الموسم الذى لم يعد له وجود تقريبا وهو الدمار الشامل الذى لحق بالحركة المسرحية التى لا يزيد مجموع ليالى العرض فيها عن شهر واحد طول العام .. هذا على أحسن تقدير لأن الحقيقة ان مجموع ليالى العرض الفعلية أقل من ذلك بكثير فى معظم البلدان !!
أما آخر أشكال الكذب الذى يجملونه فهو التربع على المناصب الثقافية وبالذات فى ظل انشغال العالم العربى بالربيع .. العربى .. الذى كان من الطبيعى فى ظله الوارف أن يتراجع المسرح فى معظم البلدان صاحبة التاريخ والكثافة الإنتاجية والبشرية أى المبدع والمشاهد الحقيقى وليس المصنوع فى المهرجانات التى تشكو غياب الجمهور بعد ليلة الإفتتاح وهذا وحده يحتاج المزيد من الكشف عن الكذب الفاضح الذى لا يمكن أن ينجح الكاذبون فى تجميله ..