
د.على الراعى
د. حمدى الجابرى
قرأت بكثير من الإستياء والأسف تطاول بعض الإخوة العرب الذين يرتزقون من فنون المسرح بكل ( وقاحة ) على الأستاذ الدكتور على الراعى لمجرد توهمهم بأنه فى كتابه القيم ( المسرح فى الوطن العربى ) لم يلتفت الى ما يتصورون أنه من الأمور الهامة فى مسرحهم ، ولم يشفع له عندهم أن الكتاب أول توثيق شامل للمسرح العربى فى مختلف أرجاء الوطن العربى ولا يعقل أن يضم كل شاردة وواردة خصوصا من العروض التى يتصور البعض أنها تمت بصلة للمسرح ، وهى ليست كذلك ، وإلا لأضافها الموسوعى الدكتور على الراعى الى كتابه الهام ..
عموما .. أصبح معتادا ، فى عالم إهتز فيه سلم القيم وأصبح الوفاء فيه من الأمور النادرة ، أن نقرأ مثل هذا التطاول من الباحثين عن مكان تحت ضوء المسرح المبهر، أما أن يكون الهجوم على الدكتور الراعى من ( أقزام ) لم تتح لهم الفرصة لتلقى العلم على يديه أو تلاميذ تلاميذه الذين أصبحوا من كبار الأساتذة فى علوم المسرح ، فهذا ما يجب التعامل معه بكثير من الإنتباه وليس التعفف والتعالى عليهم ، ببساطة لأن عدم التصدى لهم قد يجعلهم وبعض الأثرياء ( الجهلة ) الذين يتعيشون على مالهم وجهلهم وقلة حيلتهم وعلمهم يظنون أنهم على حق فى تطاولهم على هذا الأستاذ الجامعى صاحب المناصب الرفيعة والكتب والدراسات المسرحية الهامة وصاحب التأثير الكبير فى الحركة المسرحية فى مصر والوطن العربى بصفة عامة ..
وإذا كانت بعض البلاد العربية حديثة النشأة لا تملك تاريخا مسرحيا أو ثقافيا يمكن أخذه بعين الإعتبار فإنه من الخطأ تصور إمكانية صنعهم لهذا التاريخ من خلال شراء بعض الأنشطة والهيئات الثقافية والمسرحية ودفع بعض المرتزقة الى الهجوم على الكبار فى محاولة فاشلة لتشويه تاريخهم وإنجازهم مثلما حدث مع الدكتور على الراعى ..
الطريف أن هؤلاء الأثرياء الجدد لم يلفت نظرهم حقيقة من قاموا بإستخدامهم ، وأحدهم كان كل نصيبه من التعليم الحصول على دبلوم مهنى فى الميكانيكا أو ما يشبه ذلك النوع من التعليم وملأ الدنيا ضجيجا عن موهبته وإبداعاته المسرحية التى لم يسمع بها أحد ، وصدقه ثرى عربى (ساذج) وإستخدمه .. والأغرب لفرط السذاجة والجهل أنه إستخدمه فى عمل آخر لا علاقة له بالتخطيط والإبداع المسرحى لم يؤهل له بأى شكل من الأشكال .. على الأقل .. لم يتعلمه .. إلا إذا كان لا يعرف الفرق بين الفلسفة والفكروالفن .. و.. الميكانيكا !!
ودون عرض تفاصيل إنجازات الدكتور الراعى ومآثره وأفضاله على الحركة الثقافية والمسرحية العربية التى تحتاج الى صفحات كثيرة فإنه قد يكون من المفيد والمقنع لأمثال هذا ( الميكانيكى ) وأولياء نعمته من الأثرياء العرب الذين يستخدمونه قراءة ما ذكره وكتبه عن الدكتور على الراعى رائد مسرحى ( عربى ) كبير هو الفنان المغربى الشهير الطيب الصديقى فربما تجعلهم هذه القراءة يعرفون حجمهم ومقدار إساءتهم للدكتور على الراعى دون وجه حق .. هذا إذا كانوا أصلا قد سمعوا عن الطيب الصديقى .. !
فى عام 1992 فى المغرب فى ندوة بحوث التكامل فى مجالى المسرح والسينما .. قال الطيب الصديقى :
( إن على الراعى من أهم رجال الفكر المسرحى الذين عاصرتهم فى حياتى ، لقد زودنى بمعلومات أفادتنى وافادت المسرح المغربى ، لأنه من أبرز المفكرين فى عالم المسرح لقد زار القرى والحضر فى المغرب لمتابعة الحركة المسرحية فى بلادنا ، كان يحضر عروضا فى وسط النهار دون حيل مسرحية ، كان يحلل التجربة ويخاطب الناس حتى تعرف على الكثيرين من المسرحيين المغاربة وكتب عما شاهده ، وللحق أعترف ان الدكتور الراعى كان ينفق على تنقلاته من حيبه ، لذلك أحيى فيه الأب الروحى والأخ العزيز .)
وفى عام 1980 أهدى الطيب الصديقى مسرحيته ( ديوان سيدى عبد الرحمن المجذوب) الى الدكتور على الراعى وكتب إهداءا بخط يده يقول فيه:
( رفع من الشكر والتقدير لصاحب فكرة المقامات الحقيقى ، حبيبى وعزيزى
ووصل تقدير هذا الفنان الكبير للدكتور الراعى أنه فى نفس العام فى الكويت قبل عرض مسرحيته قام بفتح الميكروفون على الصالة وسأل الحضور ( هل الدكتور على الراعى موجود ؟ فأجابه الدكتور : موجود ياطيب .. فقال الصديقى : إذن فلنمثل ) .. ترى هل سيفهم الميكانيكى وأسياده أم أنهم سيصرون على الإبحار فى بحر ظلمات الجهل الذى يغرقهم ؟
بالطبع لم تكن كلمات الفنان المغربى الكبير الطيب الصديقى مجاملة رقيقة من فنان لأستاذ وناقد ولكنها كانت إعترافا بحقيقة وفضل الأستاذ الكبير ..
الدكتور الراعى الذى كان قد كتب فى كتابه ( فنون الكوميديا من خيال الظل الى نجيب الريحانى ) يدعوالى ضرورة إستفادة رجال المسرح العربى من المقامات خاصة مقامة الحريرى ( المضيرية ) وقال ( إن بإمكان فنان قدير عميق النظرة أن ينشىء مثلها مسرحية كوميدية هجائية من نوع له نظائره فى أدب الغرب ، خاصة مسرحيات الكاتب الانجليزى (بن جونسون ) معاصر شكسبير ) .. وبالفعل قام الصديقى وغيره من المسرحيين العرب المبدعين بإثراء المسرح العربى بما دعا اليه الدكتور الراعى .. نأمل ألا يضطرنا ( أبو جهل ) إلى العودة الى هذا الموضوع لأنه عيب عليهم .. وفى حقهم ..