
د.حسن رشيد
البوشيه وصراع الأضداد 2-2
في نصوص إسماعيل عبدالله حالات من التضاد كما في (مجاريح) حيث لعبة الطبقية، وطرح الرمق والصودية والحرية، وهو دائماً يلامس فترة الغوص، والحياة الساكنة ولكن يرسل من خلال شخوصه وحوارات عوالم تلك المرحلة ليعري الواقع الآني. من خلال ما يطرحه البعض في المجتمعات الخليجية. في البوشيه طرح لنموذج آخر. الراقصة التيتحافظ على ذاتها وكينونتها وتمارس إبداعاً إنسانياً، ومع هذا فإن المجتمع ينظر إليها نظرة أخرى، هنا يطرح المؤلف تيمة أخرى. قيمة (الفن) ذلك أن البعض يؤمن بدور الإبداع والفن في الخفاء ويرفض هذا الإطار في العلن. ولكن هذه الفنانة في لحظة التحدي تعري الماضي والتاريخ المزيف، إن لعبة الأبيض والأسود. أو الثنائيات أبرز ملامح الطرح لديه حتى في حرب النعل. صراع الأضداد وهذا ما يمنح كتاباته بعداً إنسانياً، البعض يعتقد أن طرح مواضيع بأقلام القراء. أو سرقة بعض الأفكار من برنامج وطني الحبيب صباح الخير الرافد الأساسي للتأليف المسرحي. ولذا فهم يعيشون في إطار هذا الوهم، أما هذا المؤلف فهو يعرف جيدا ماذا يريد أولا، وماذا يطرح ثانيا، لذا تبقى هذه الشخوص وتعيش في ذاكرة المتلقي، كثيرون سجلوا حضوراً ذات يوم في ذاكرة المسرح، ولكن هل هؤلاء يمثلون نقطة ما في ذاكرة المسرح الآن؟ إن سعد الله ونوس، ممدوح عدوان، الرحابنة، ميخائيل رومان، نجيب سرور، صقر الرشود، عبدالرحمن المناعي، غانم السليطي، حمد الرميحي، سالم الحتاوي وغيرهم يشكلون تاريخ المسرح العربي، ولكن هل يبقى تاريخ يمثل التهريج الرخيص؟
إن جرأة إسماعيل عبدالله في قدرته على خوض غمار التجربة ذلك أن الماضي صورة مكررة للحاضر، ولذا فإن مهمة الكاتب ليس فقط استحضار الوعاء، ولكن ما مضمون هذا الوعاء أو الغلاف الخارجي، ويعري الزيف، الزيف في العلاقات، والتعامل، فإذا كان الأب في البوشيه صورة للزيف، فإن الابن صورة أخرى وإن كان أقل قيمة، عبر سيطرة الأب وتلاشي شخصية الابن وضعفه وخوفه وجبنه، أما الراقصة فهي لا تتوانى عن تعرية الواقع، وهي عبر الدليل المؤكد تعطي الأب درساً في أن الخطأ والصواب وجهان لعملة واحدة، ولأن الماضي صورة للسكون والبساطة، فلا أقل من أن يستحضر المؤلف فنون تلك الفترة من (الليوه، الخماري وغيرهما من الفنون) وأن يكون استحضار الأمر عبر القوتين – الأصلي من جهة واليسرى من وجهة نظر القوي من جهة أخرى، كل هذا عبر معاناة إنسانية ذلك أن المؤلف لا يطرح نماذجه هباء. ولكن صرخة لواقع مرّ وآثاره باقية
)كاتب وأكاديمي وناقد مسرحي قطري(
الأربعاء, 18 يوليو 2012
البريد الالكترونى: dr.hassan-rasheed@hotmail.co