
عماد أبو غازي.. وزير الثقافة المصري السابق الوزارة ولدت ميتة
(كانت أياماً عصيبة. دفعت ثمنها من دمي وأعصابي ولم يكن لي خيار الرفض. لكن عندما سنحت لي الفرصة للخروج تقدمت باستقالتي) . . هكذا يتحدث عماد أبوغازي عن الأشهر الثمانية التي قضاها في وزارة الثقافة. بعدما تخصص في الوثائق والمكتبات كأستاذ بجامعة القاهرة، وترأس الإدارة المركزية للمجلس الأعلى للثقافة، وجد نفسه بعد ثورة 25 يناير وزيراً للثقافة. فوجئ فور دخوله مكتبه بالوزارة بعشرات الاحتجاجات والمظاهرات، في مختلف الفروع والقطاعات التابعة لها. ورغم ماضيه في العمل الثقافي فإن ما جابهه في منصبه الوزاري يدفعه للتصريح: «أمراض وزارة الثقافة لا أمراض الثقافة.. وهي أمراض بدأت أعراضها مع اللحظة الأولى لإنشاء الوزارة في نهاية الخمسينيات وربطها بمشروع سياسي معين، من خلال دور توجيهي كوزارة إرشاد قومي، وفكرة التوجيه هي أحد مشكلات الوزارة، وأقول إنه قد آن الأوان لينتهي هذا الدور التوجيهي للدولة في مجال الثقافة..)
ويضيف المتحدث ذاته: «وزارة الثقافة لها ثلاث مهام محددة: الحفاظ على التراث الثقافي، تشجيع الصناعات الثقافية والإنتاج الثقافي، وتوصيل الخدمة الثقافية للمواطن. لكن ما شاهدناه خلال الفترة الماضية أن دور الوزارة الأول اقتصر على التعامل مع المثقفين فقط، فالدور المنوط بوزارة الثقافة هو توصيل الخدمة للمواطن، وفي تصوري وفهمي هي ليست وزارة للمثقفين، بل وزارة لخدمة المواطن، وظيفتها أداء الخدمة للنهوض بالمواطن ثقافياً مثل وزارة الصحة، فهي ليست وزارة الأصحاء، بل وزارة لخدمة المرضى، ولهذا يجب أن تضع حداً للعلاقة بينها وبين المثقفين، وكل علاقة للوزارة بالمثقف هي حماية الملكية الفكرية لإنتاجه الثقافي، ودعم هذا الإنتاج».
ركز أبوغازي، خلال الأشهر الثمانية التي قضاها في الوزارة، على محاولة إحداث تغيير في السياسة الثقافية، وتقديم نقلة نوعية قوامها الأساسي ديموقراطية الثقافة. لكن جزءاً كبيراً من جهده ووقته ضاع في دوامة السعي لحل مشكلات العاملين اليومية، ومع ذلك يقول: «استطعنا أن نعيد العجلة للدوران بعد أن توقف كل شيء بعد الثورة.. وما كنت أركز عليه هو وضع سياسة ثقافية جديدة». ومن الملاحظات المهمة التي خرج بها الرجل من مروره السريع على مبنى الوزارة «غياب عدالة في توزيع الخدمة الثقافية على المواطن، فالقاهرة والإسكندرية مثلاً ومدن أخرى قليلة تستحوذ على الجزء الأكبر من موازنة ونشاط وزارة الثقافة، وتبقى المحافظات الأخرى بلا أي نشاط أو خدمات». لما وصل عماد أبوغازي إلى مكتب الوزارة كانت تشغل باله أفكار وطموحات تطوير القطاع، كتحرير المؤسسات من إدارة الأفراد، وتسييرها وفق مجالس وإدارات (كما تم في المجلس القومي لثقافة الطفل والمجلس القومي للمسرح والمجلس القومي للسينما، وهيئة الكتاب والثقافة الجماهيرية)، الدفاع عن حرية الإبداع والتعبير والرأي، والمطالبة بإلغاء الرقابة على الكتب والمطبوعات الأجنبية، الاهتمام بالثقافات الفرعية والتي ظلت، سنوات طويلة، مهمشة في المجتمع المصري، على غرار الثقافة السينوية والنوبية وثقافة أهل سيوة. لكن فترة وزارته لم تدم طويلاً، واستقال من مهامه، وخرج منها في ظروف تشبه ظروف خروج والده بدر الدين أبوغازي بعيد أحداث 1971.
الدوحة- علي النويشي
المصدر : مجلة الدوحة